ولذلك قامت الحروب الطاحنة الشرسة بين الولايات الشمالية والولايات الجنوبية في أمريكا من أجل الرق، ومن أجل العبيد، ومن أجل اللون، ومن أجل العنصرية، واستمرت إلى أن كان الاجتماع الذي رتبوه وقننوه، ويدعون إليه، ومع ذلك مهما كتبوا، ومهما أقروا من أنظمة، ومهما ادعوا من تساوي وتسامح؛ فلا يمكن أن يزول ذلك من القلوب؛ لأنها لم تتغير، فكل ما وضع لم يمس شغاف القلوب، ولم يصل إلى أن تتقي الله، وإذا اتقت القلوب الله عز وجل انتفى ذلك كله، وأما أن تظل تربية خارجية، وشعارات تردد فلا يمكن أن يصلوا إلى شيء.
فإذا ارتكبت الجرائم قيل: إن هذه الجرائم ارتكبها أناس لهم لون معين، أو دين معين، أو من طائفة معينة؛ قالوا: إن هذا بسبب الاضطهاد الاجتماعي الذي تكثر في هذه الأماكن.
وعندما يحللون الأحداث التي تقع في العالم الإسلامي فإنهم يقولون: إن هذه الجماعات تشعر بالقهر الاجتماعي، فهم ليس لديهم تفسير للحياة إلا من خلال هذه النظريات، فيطبقونها حتى في غير بيئتهم، لكنهم يتكلمون عن واقع موجود، فهناك قهر وهناك اضطهاد، ولا يستطيعون أن يغيروا قلوب الناس، بل إن الذين يدّعون هذه الشعارات، ويدعون الناس إليها لا يستطيعون أن يلتزموا بها كما ينبغي؛ لأنهم لا يتدينون بها، فهي شعارات، وهي حقائق في نظرهم موضوعية، يجب أن تقام، لكنه على صعيد الواقع العملي يقول: أحدهم أنا لا أستطيع أن أطبق ذلك.
وهكذا حال الناس إذا لم يعرفوا الله، وأعرضوا عن دين الله سبحانه وتعالى.